سورة ص - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ص)


        


{ص} قيل: هو قسم، وقيل: اسم السورة كما ذكرنا في سائر حروف التهجي في أوائل السور.
وقال محمد بن كعب القرظي: {ص} مفتاح اسم الصمد، وصادق الوعد.
وقال الضحاك: معناه صدق الله.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: صدق محمد صلى الله عليه وسلم.
{وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} أي ذي البيان، قاله ابن عباس ومقاتل. وقال الضحاك: ذي الشرف، دليله قوله تعالى: {وإنه لذكر لك ولقومك} [الزخرف- 44]، وهو قسم.
واختلفوا في جواب القسم، قيل: جوابه قد تقدم، وهو قوله: {ص} أقسم الله تعالى بالقرآن أن محمدًا قد صدق.
وقال الفراء: {ص} معناها: وجب وحق، وهو جواب قوله: {والقرآن} كما تقول: نزل والله.
وقيل: جواب القسم محذوف تقديره: والقرآن ذي الذكر ما الأمر كما يقول الكفار، ودل على هذا المحذوف قوله تعالى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا}.
قال قتادة: موضع القسم قوله: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا} كما قال: {والقرآن المجيد بل عجبوا} [ق- 2].
وقيل: فيه تقديم وتأخير، تقديره: بل الذين كفروا، {فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} والقرآن ذي الذكر.
وقال الأخفش: جوابه قوله تعالى: {إن كل إلا كذب الرسل} [ص- 14]، كقوله: {تالله إن كنا} [الشعراء- 97] وقوله: {والسماء والطارق- إن كل نفس} [الطارق- 1: 3].
وقيل: جوابه قوله: {إن هذا لرزقنا} [ص- 54].
وقال الكسائي: قوله: {إن ذلك لحق تخاصم أهل النار} [ص- 64]، وهذا ضعيف لأنه تخلل بين هذا القسم وبين هذا الجواب أقاصيص وأخبار كثيرة.
وقال القتيبي: بل لتدارك كلام ونفي آخر، ومجاز الآية: إن الله أقسم بـ ص والقرآن ذي الذكر أن الذين كفروا من أهل مكة في عزة حمية جاهلية وتكبر عن الحق وشقاق وخلاف وعداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقال مجاهد: {في عزة} معازِّين.


{كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} يعني: من الأمم الخالية، {فَنَادَوْا} استغاثوا عند نزول العذاب وحلول النقمة، {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} قوة ولا فرار والمناص مصدر ناص ينوص، وهو الفوت، والتأخر، يقال: ناص ينوص إذا تأخر، وباص يبوص إذا تقدم، {ولات} بمعنى ليس بلغة أهل اليمن.
وقال النحويون: هي لا زيدت فيها التاء، كقولهم: رب وربت وثم وثمت، وأصلها هاء وصلت بلا فقالوا: لاه كما قالوا: ثمة، فجعلوها في الوصل تاء، والوقف عليها بالتاء عند الزجاج، وعند الكسائي بالهاء: ولاة. ذهب جماعة إلى أن التاء زيدت في {حين} والوقف على ولا ثم يبتدئ: تحين، وهو اختيار أبي عبيدة، وقال: كذلك وجدت في مصحف عثمان، وهذا كقول أبي وجزة السعدي:
العاطفون تحين ما من عاطف *** والمطمعون زمان ما من مطعم
وفي حديث ابن عمر، وسأله رجل عن عثمان، فذكر مناقبه ثم قال: اذهب بها تلان إلى أصحابك، يريد: الآن.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان كفار مكة إذا قاتلوا فاضطروا في الحرب، قال بعضهم لبعض: مناص، أي: اهربوا وخذوا حذركم، فلما أنزل الله بهم العذاب ببدر قالوا: مناص، فأنزل الله تعالى: {ولات حين مناص} أي ليس حين هذا القول.


{وَعَجِبُوا} يعني: الكفار الذين ذكرهم الله عز وجل في قوله: {بل الذين كفروا} {أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} يعني: رسولا من أنفسهم ينذرهم {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ}.
{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسلم، فشق ذلك على قريش، وفرح به المؤمنون، فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش، وهم الصناديد والأشراف، وكانوا خمسة وعشرين رجلا أكبرهم سنًا الوليد بن المغيرة، قال لهم: امشوا إلى أبي طالب، فأتوا أبا طالب، وقالوا له: أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء، وإنا قد أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك، فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه، فقال: يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السواء، فلا تمل كل الميل على قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وماذا يسألوني؟ قالوا: ارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل: لله أبوك لنعطيكها وعشرًا أمثالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا لا إله إلا الله، فنفروا من ذلك وقاموا، وقالوا: أجعل الآلهة إلهًا واحدًا؟ كيف يسع الخلق كلهم إله واحد؟ {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} أي: عجيب، والعجب والعجاب واحد، كقولهم: رجل كريم وكرام، وكبير وكبار، وطويل وطوال، وعريض وعراض.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8